Monday, February 25, 2008

عقبة ضلع , وقطار الموت السريع



اجمعوا اشلائهم , انتبهو ان تخطؤا , احذروا ان تعبثوا بها , يقولون للموت حرمته . هكذا سمعتهم يقولون عندما نحاول الحديث في حضرة ( الجنازة) , يزعمون ان للموت هيبته .
لم نعد نشعر بذلك صراحةً , خصوصا عندما يكون الموت على هذه الشاكلة , عندما تنطفأ الحياة ( قضاء وقدر) وكلنا من التراب وللتراب . اليس كذلك ؟ لن نقول اليوم طريق الجنوب , فقد شبع ذلك الطريق من الدماء, حتى ان ازهار النرجس( التي تروت من دم نيرسس ذلك العاشق القديس) اقول ان تلك الازهار شكلت غابات كثيفة من كثرة ما روت من الدماء. اليوم ( استغار) طريق اخر , واقسم انه اكثر شراسة من طريق الجنوب, عقبة ضلع , الخط الواصل بين عسير وتهامة عسير في منطقة جازان . هذه المرة , لم يكن هناك طرف اخر في الحادث , كانت الطبيعة هي الحدث والحادث , والطرف الاخر هو باص للنقل الجماعي .
لا يهمني تفاصيل الحادث , وكيف حدث , وهل كان الخطأ من السائق ام من الطريق ام من الحافلة , هذه الامور لا تقدم ولا تؤخر بالنسبة لي ولك . هذه المعلومات يتم التدقيق فيها فقط بين الجهات المسؤولة حتى يعرفوا اي جهة بالضبط ستدفع التعويضات والديات للمتضررين وذويهم . ارواحنا تأتي بالمجان, وبالتالي لا ضير ان ذهبت بالمجان . اليس كذلك ؟؟ مات , او قتل 25 او 26 او 24 كانو ضحية الحادث المأساوي , لا يهم ان نسيت او اضفت شخص او شخصين , في هكذا حالات لا يهم ان نذكر بالضبط كم كانوا , هم مجموعة من البشر , نجهل اسمائهم , اجناسهم , اشكالهم , هم ( ضحيا نيران صديقة) كما يقال في ساحات المعارك .
ثم ماذا ؟ سيبكيهم اهلهم !! وسننساهم نحن ونطويهم من ذاكرتنا حينما نطوي صفحات الجريدة , نهز الرؤوس قليلا , نسأل الله ان يرحمهم , انتهى الخبر . رحماك يارب



يا صاحب المعالي , يا صاحب الكرسي الوثير , لماذا جئت ؟ قبل قليل كان المكان بسيط جدا , بقايا دماء لم تجف بعد .
حاسب في خطواتك , احذر على موطيء قدميك , سنقول لك ( اخلع نعليك) لأنك اصبحت في مكان مقدس , انتبه , انت تسير على قبور اناس لا تعرفهم , جاءوا قبل ان تكون , وسيكونون هنا حتى بعد ان تذهب , الا تخشى على ثوبك الانيق؟؟؟ ماذا لو تلطخ بقطرة دم دون ان تنتبه . اظن انه لا يليق بوزير في قدرك ان ينزل الى هذه الاماكن الغير صحية , اتركها لغيرك , ارجوك , اتركها كلها لغيرك , لأن رب عمر سيحاسبك بعد ان يحاسب الخليفة عمر رضي الله عنه عن الدابة التي عثرت في العراق . لا تخشى من اي حساب في الدنيا, فالحصانة تتكللك برعايتها انت وغيرك , لكن اين ستذهب منهم ؟؟؟

خاتمة : عندما بدأت امريكا بالتوسع , وكبداية لنهظتها , انشأوا السكك الحديدية واستخدموا القطارات , وكانت هي البداية الحقيقية للنهظة الامريكية , كان هذا قبل مئات السنين , والان نحن في عام 2008 وعندنا قطار واحد ( اعرج) ينطلق من الرياض مرورا ببقيق منتهيا في الدمام . ياالله , كل هذي المسافة ؟؟؟ شكرا لكل من ساهم في بناء هذا الوطن

6 comments:

Anonymous said...

كعادتك أخي أنور ... تضع النقاط على الحروف
كلماتك أثارت المشاعر وذكرتني بمواقف عشتها ويعيشها غيري من مرتادي هذه العقبة

لا أنسى حكايات والدي وكيف أن عناية الله أنقذته من النزول عبر العقبة عام 1402هـ حيث المصيبة العظمى الأولى التي حلت بها

لا أنسى دموع أمي حين هاتفتها يوماً قبل ثلاثة أعوام وهي تجهش بالبكاء على جيراننا (رحمهم الله) عائلة كاملة من 9 أشخاص قدر الله لهم أن تكون نهايتهم في أعماق سيل هائج أبتلغ الأخضر واليابس وشتت أشلائهم ولم يتم التعرف عليهم إلا ببطاقة عمل والدهم رحمه الله

أتسائل خلال الـ 27 عاماً المنصرمة هل لازال المسؤولون يبحثون عن حل جذري لهذة العقبة أم أنهم تغافلوها وبإنتظار مصائب أخرى حتى يتم البت فيها عاجلاً !!!

AnwaR said...

اهلا بك عزيزي الحسن
ياخي اجهل جاهل يقدر يعرف ان الوضع مأساوي, والقصص تتكرر والموتى والمعطوبين والارامل بالالاف , ولكن يا عزيزي , كل الضحايا هم من ( قاع) المجتمع , واظنك تدرك الفرق تماما بين القاع والقمة , الى ان تصبح كل القمم قيعان , او كل القيعان قمم, عندها ستكون هناك نقاط مشتركة , وحينها يمكن ان يفهم المسؤولين حجم الخسائر

لا تقطعنا من مرورك

تحياتي

Anonymous said...

مقال رائع جدا , نعم أخي أنور سنترحم عليهم و نتألم قليلا ثم ننساهم و ماذا بعد سيتكرر الحادث مع غيرهم و على هذا الموال , أتذكر عندما حدثت سيول في هذه العقبة و راح ضحيتها عدد من الضحايا قام احد المواطنين هناك برفع قضية ضد وزارة النقل يتهمها بالتسبب في موت الضحايا لا أعلم ماذا حصل بعد ذلك لكني متأكد من النتيجة (دا بيشكي الحكومة للحكومة)ادعوا لهم بالرحمة حتى يأتي حادث اخر و نكرر الحكاية

AnwaR said...

شكرا عزيزي الزائر على مرورك, وكما قلت, لنترحم عليهم , الله يرحمهم ويشفى المصابين

Unknown said...

لك جزيل الشكر أخي أنور على طرحك لهذا الموضوع، وهنا ذكرتني بنزولي خلال صيف 2007 من أبها إلى جيزان وبرفقتي عدد من زملائي الذين لم يسبق لهم رؤية مثل هذه العقبة (حيث أن أغلبهم يعيش في العاصمة التي لا يوجد بها مثل عقبتنا الصعبة حيث أن أصحاب المعالي يعيشون بها ونجد مشاريع ضخمة جداً في العاصمة لتنقذ سيارات أصحاب المعالي من المطبات والحفر في الوقت الذي لا نجد من ينقذ أرواح من يستخدمون عقبتنا لأنه ليس بهم صاحب معالي!!!!!؟)

عموماً أتذكر بأن أغلب زملائي إن لم يكن جميعهم حقد علي ذلك اليوم بسبب الحوادث التي كادت أن تحدث لنا بسبب التحويلات والتعرجات وعدم وجود أي ارشادات بل أن بعضهم قال لي لو أن هذا الطريق يؤدي إلى سويسرا فأنا لا أرغب أن أسلكه

وفيما يتعلق بما ذكرتم حول القطارات فهذا الاختراع نسمع به ونراه في الدول المجاورة الفقيرة منها والغنية ولكننا لا نريد استخدامه، وسؤالي هنا لماذا لا نرى القطارات والمتروهات وغيرها من الخدمات التي كانت سبب رئيسي في تطور العديد من الأمم ومن هو المسئول عن تعطيل وتأخير مثل هذه المشاريع مع توفر كل المقومات!!!!!!!!!!؟

أرى أنك تحتاج أن ترسل هذا السؤال إلى أحد أصعاب المعالي أو إلى هيئة الخبراء ومجلس الشورى رغم أنني متأكد من أن أحدهم لن يجيب هل تعرف لماذا لأنهم هم أيضاً لا يعلمون سبب ذلك وهنا تتأكد نظرية القرود الخمسة التي نراها في مجتمعنا وخصوصاً في مؤسساتنا الحكومية كل يوم وكل ليلة (لمن لا يعرف نظرية القرود الخمسة يمكنك سؤال الأخ أنور عنها :))

AnwaR said...

اهلا عزيزي الأمين , اتحفتنا بردك, وأظن انك اجدت في الوصف وكان ردك ابلغ من الموضوع نفسه , لا تبخل علينا من عبارات قلمك الجريء

بالنسبة لقصة القرود الخمسة , فعلى من لا يعرفها ان يكتب في عمو قوقل القرود الخمسة وسيعرف القصة
الى ان يأتي من (يصعد) على القرود , ويصل الى الموز , مثل قصة ( الضفادع) اللي في الحفرة , نلتقي على خير

قلبناها حديقة حيوان لووووول

دمت بود